تبدّلت أولويات الحياة بشكل ملحوظ منذ بدء الحائجة، فدخلنا فترة كوفيدية من التغييرات سواء على الصعيد الروتيني أو المهني أو الاجتماعي، وذلك لأسباب كثيرة أبرزها الأزمة الاقتصادية العالمية وسياسات الحجر المنزلي والتباعد الاجتماعي وأيضاً نظام العمل عن بعد.
وكما هي طبيعة العقل البشري في التأقلم مع كافة التغيّرات والتطوّرات، هو اليوم أمام منعطف جديد يفرض عليك التفكير ببعض الأمور، لا سيما على صعيد التكيف مادياً مع هذه الأوضاع. فما هي الخطوات القادمة في التخطيط المالي؟
إليك فيما يلي 3 أسئلة كوفيدية قادرة على توجيه أفكارك في المسار المناسب.

1.هل أعلم أين تذهب أموالي؟
إذا سألكم أحدهم عن المراحل التي تمرّ بها أموالك منذ استلام دخلك الشهري وحتى نفاده، هل تقدر أن تجيب؟ وبكم من التفاصيل؟ فهل لديك ميزانية شهرية تضعها بشكل منتظم؟ هل قمت مثلاً بالتجهيزات المسبقة لفترة العودة إلى الدراسة؟ هل هناك مبلغ تدّخره؟ ولأي غاية؟ هل هو ادخار في حساب الطوارئ؟ أم التقاعد؟ أم أنّه لا يبقى لديك ما تدّخره في نهاية الشهر في نهاية الشهر؟
أسئلة فرعية كثيرة مفادها أن تعلم “أين تذهب أموالك؟” والهدف الأساسي من ذلك هو التخطيط المالي القادر على فرض نوع من الاستقرار في حياتك رغم موجة التغييرات الطارئة. ففيما تنظّم مصاريف ووادخارات أموالك، أنت قادر على ضبط مصادر الهدر إن وجدت أو على تحديد أبرز المشاكل المالية التي تواجهك.

2.هل أرتّب أولوياتي؟
إذا كنت أمام خيار أن تشتري حذاءً جديداً أو أن تذهب إلى الغداء مع أحد الأصدقاء، كيف تتخذ قراراتك؟ هل تبنيها على معايير معيّنة أم أنّك تعتمد على إحساسك في تلك اللحظة؟ قد لا يكون هذا السيناريو المثالي إلا إذا سبق ورتّبت أولوياتك المادية، فماذا يعني ذلك؟
تتنوّع المصاريف بين مصاريف معيشية مستمرة مثل شراء الطعام والشراب، ومصاريف صحية قد يكون نمطها غير معروف مثل تكاليف الطبابة وشراء الأدوية. هناك أيضاً مصاريف منتظمة ومتوقعة مثل دفع الإيجار والتأمين وفواتير الهاتف، كما هناك مصاريف كمالية مثل شراء الهدايا. فقم بتدوين مصاريفك ورتّبها حسب أولوياتك ثم ادّخر مبلغاً للمصاريف غير المتوقعة، وهكذا تكون قد وضعت أسساً ثابتة لتتخذ باقي قراراتك في الإنفاق.

3.هل أعرف الدوافع خلف سلوكياتي المالية؟
يساعدك هذا السؤال على معالجة المسائل المادية التي لا يبدو حلّها واضحاً أمامك. فكثيراً ما تخفي سلوكياتنا المالية دوافع غير تلك التي تبدو في ظاهر الأمور، مثل أن تشتري سلعة جديدة ليس لأنّك تحتاج إليها حقيقةً بل تأثراً بإعلان رأيته أو تمثّلاً بأحد المعارف. أو أن تشتري هدية ليس فقط لإسعاد أحدهم بل لأنّك تريد في باطنك أن تعتذر عن تقصيرك في قضاء الوقت معهم. أو أن تشتري سلعة فقط لأنّك اعتدت على اختيارها، مثل التزامك بعلامة تجارية معيّنة رغم توفّر بديل أقل كلفة منها وبالجودة نفسها.
وغير ذلك الكثير من الأمثلة التي تقع تحت خانة التسوق العاطفي والدوافع التلقائية لدى الإنفاق. فإذا فكّرت في دوافعك الشخصية في هذا النطاق قد تجد الكثير من المجالات للحد من مصاريفك.
إذا كنت تسعى ليكون حالك المادي مرناً ومتيناً في وجه الصعوبات، يستحسن أن تتبنّى موقفاً واعياً حيال كل ما تقوم به، بما في ذلك كم تنفق من المال وحسب أي أولويات والأهم بسبب أي دوافع.