حسب دراسة نشرتها شركة KPMG عام 2020، وهي واحدة من أكبر شركات المحاسبة عالمياً، تنخفض مدّخرات العائلات السعودية بسبب غياب التوازن بين ارتفاع المدخول والمصروف. فإذا نظرنا إلى الأرقام بين عامي 2007 و2018، نجد أنّ مدخول العائلات ارتفع بنسبة 5.3٪ فيما زاد مصروفها بنسبة 38.6٪ خلال الفترة نفسها، وهو تفاوت كبير.
هل يُحتمل أن تكونوا أحد المساهمين في انخفاض هذه المدّخرات؟ فقد بيّنت الأرقام أيضاً أنه بعد تعافي العالم من فيروس كورونا، ارتفع معدّل الإنفاق بنسبة أعلى كثيراً من السنوات الماضية، وهذا يستوجب تفكيرنا جدّياً ببعض الأمور.
1) فكّروا جدّياً بالادخار للتقاعد
عندما نعتاد على معايير معيّنة في أسلوب حياتنا، من الصعب التنازل عنها لا سيما إذا كانت مصدراً للراحة والرفاهية. وقد اختبرنا ذلك خلال جائحة كورونا بعدما لم نعد قادرين على الخروج من المنزل أو السفر للسياحة والترفيه. السيناريو مشابه لدى التقاعد، حيث سنضطر إلى التخلّي عن معايير عديدة لأسباب بيولوجية لا نستطيع التحكم بها، كما لأسباب مادية نحتاج التصدي لها مبكراً. فإنّ الإعداد للتقاعد مشروع طويل الأجل، يحتاج رؤية واضحة سنصل إليها تدريجياً مع الوقت، لكن لا بد أن نبدأ بالتخطيط اليوم.
2) فكّروا جدّياً بالاستثمار
تنصّ النسب المعروفة عن إدارة الدخل على أنه يجب شهرياً تخصيص 50٪ من الراتب للأساسيات و30٪ منه للكماليات و20٪ منه للادخار. لكن لن يكفي أن تضعوا أموالكم جانباً دون استثمارها أو توظيفها لكي ترتفع قيمتها، كما أنه لا يعقل الاعتماد على مدخولكم فقط كمصدر للمال، لأنّ المدخول قد لا يكون ثابتاً أو مضموناً بشكل مستمر. من هنا أهمية الاستثمار الذي يوظّف أموالكم لتكسبوا مبالغ إضافية ستساعدكم في الادخار لحساب الطوارئ والتقاعد أو في تخصيص الأموال لإطلاق مشروعكم الخاص.
3) فكروا جدّياً بدوافعكم الاستهلاكية
هل تشترون سلعاً لا تريدونها أو تستغنون عنها بعد فترة قصيرة؟ هل لديكم أغراض في المنزل لكنكم لا تستخدمونها؟ هذا دليل على أننا لا نفكّر جدّياً بالدوافع خلف سلوكنا الاستهلاكي. يشرح لنا علم الاقتصاد السلوكي الأبعاد النفسية والثقافية والاجتماعية لقراراتنا الاستهلاكية التي لا تبدو عقلانية أحياناً. مثلاً، إذا كان هناك سلعة تباع بـ 300 ريال ثم بـ 150 ريال بعد الخصم، سنندفع أكثر لشرائها مقارنةً مع عرضها بـ 150 ريال منذ البداية، بعيداً عن التفكير بعوامل أخرى، كالجودة، في تلك اللحظة.
4) فكّروا جدّياً بالوقت
يمكن اختصار المقال بمفهوم “استغلال الوقت” الذي ينعكس مباشرةً على روتينكم المالي، بما يمتد إلى مدخولكم وإنفاقكم وادخاركم وجميع قراراتكم المالية. فإذا كنتم من ممارسي الرياضة مثلاً، ستنخفض معدّلات التوتر لديكم وقد ينخفض عندها دور مزاجكم السلبي في اتخاذكم لقرارات شرائية خاطئة. أو إذا اعتمدتم المطالعة لإثراء ثقافتكم المالية، سيزيد إلمامكم بقواعد الإدارة المالية السليمة وبالتالي ستتحسّن قدرتكم على الادخار. من جهة أخرى، إذا قضيتم وقتاً طويلاً على وسائل التواصل الاجتماعي، قد يزيد إنفاقكم على سلع جديدة. فألا يُقال “الوقت من ذهب”؟
5) كلمة السر
أشرنا إليها في مقدّمة المقال ونعود لنختتم بها، لأنها تمثّل البداية والنهاية لكل مشروع مالي ناجح. الكلمة هي “التفكير”، ولتتمكّنوا من استخدامها في فتح أبواب الاستقرار المالي، راقبوا أفكاركم وناقشوها واعرفوا المصادر التي تؤثّر عليها واستمروا على تحسينها وصقلها، حتى لا تحكم حياتكم المالية إلا الأفكار التي تدفعكم إلى الأمام.