“اشترِ الآن وادفع لاحقاً” خطة دفع تزداد رواجاً في السوق العالمي. بعد انتشار فيروس كورونا والزعزعة المالية التي أثارها، أصبح الناس يميلون إلى اعتماد التقسيط بشكل أكبر. والجدير بالذكر أنه لا فوائد أو رسوم إضافية عند اللجوء إلى هذه الخطة، ما يجعلها تبدو بالفعل ذكية. لكن هل الأمر بهذه الإيجابية أم أنّ هناك أضراراً مخفية؟ البعض يطالب بتنظيم هذه الخطة وإخضاعها للقانون. فما خلفية هذا الجدل؟ تعالَ نتعرّف إلى المخاطر المحتملة عند التقسيط دون فوائد.

1) قد تتخطى ميزانيتك بسهولة لأن قدرتك الشرائية تزيد

هناك سلع قد تحتاج إليها ولا تخوّلك ميزانيتك شراءها متى شئت. مثلاً، إذا أردت تجديد فرش منزلك، ستحتاج إلى ادخار المبلغ كاملاً بلا المساومة على أساسيات أخرى. لكن مع خدمة التقسيط دون فوائد، يكفي أن تملك مبلغاً صغيراً كدفعة أولى أو ألا تملك أي مبلغ بشرط إثبات حصولك على دخل متواصل تدفع منه فيما بعد.

لنتخيّل مشهداً في متجر المفروشات. يدخل السيد “علي” إلى المتجر ويعجبه فرشاً يفوق ميزانيته. ثم يلفت انتباهه طقم معاصر من الطاولات التي ستليق جداً بهذا الفرش. ويقول في نفسه “ماذا عن الخزانة هناك؟ ألا تبدو وكأنها صممت خصيصاً لغرفة الطعام؟ أيضاً هذه السجادة، هي تماماً ما ينقص غرفة النوم”. سيناريوهات مشابهة تدور في عقلنا عندما تفوق قدرتنا الشرائية المال الذي نملكه.

2) قد تدفع فوائد عالية إذا تأخرت عن سداد المبلغ

قام السيد “علي” بشراء كل ما أعجبه في المتجر مع خدمة تسديد الأقساط شهرياً دون فوائد. وبعدما أنهى حساباته في المنزل، وجد أنّ قسط المفروشات سيتعارض مع فاتورة الكهرباء والهاتف. فإذا لم يجد حلاً لدفع المبلغ الكامل في موعده، سيضطر إلى دفع فوائد عالية جداً قد تصل إلى 25٪.

3) قد تصبح أكثر عرضة للتسوق العاطفي

لنترك السيد “علي” يحلّ مشاكله المالية وننتقل إلى السيدة “نوره”. حصلت على زيادة راتب مؤخراً، فذهبت إلى المول لتحتفل بالمناسبة. اشترت بعض الملابس لترتديها إلى المكتب، ثم رأت ثوباً جميلاً، فاشترته لوالدتها. وفي قسم الأحذية، رأت حذاءً يشبه ذلك الذي ترتديه صديقتها، فاشترته إلى جانب القليل من الإكسسوارات وعطر وحقيبة كان سعرها لا يفوّت. لكن بسبب ارتفاع قيمة مشترياتها، اختارت الدفع بالتقسيط كي لا ينتهي راتبها مبكراً.

لنبارك للسيدة “نوره” ونخبرها أنّ العاطفة كانت المحرّك الأساسي خلف مشترياتها. في علم السلوك، يطلق على ما فعلته “الانحياز للحاضر”، حيث يفضّل الفرد المشاعر الإيجابية التي يحصل عليها فوراً بغضّ النظر عما قد يحدث لاحقاً. فهذه النظرية هي من الأساسيات التي يقوم عليها الدفع بالتقسيط.

4) قد تقع في ديون تفوق احتمالك

ها هما السيد “علي” والسيدة “نوره” وقعا في الدين. يقول خبير في الديون من جامعة لانكاستر البريطانية أنّ خدمة الدفع بالتقسيط تفوّقت على البطاقة الائتمانية في تخدير شعور العملاء بالمسؤولية المالية المترتبة في وقت لاحق. فحسب القيمة الشرائية وقواعد المتجر، يمكنك تسديد الدين خلال مدة أطول وعبر دفعات متعددة، ما يسمح بتأجيل سدادك للمبلغ كاملاً. أما صحيفة “ذا غارديان”، فقد علّقت على خدمة الدفع بالتقسيط بأنها تنشئ جيلاً جديداً من المديونين الذين باتوا ينظرون إلى الدين كنوع من الاهتمام بالذات والراحة النفسية.

الاستفادة من خدمة “اشترِ الآن وادفع لاحقاً”

في الواقع، لم يكن السيد “علي” والسيدة “نوره” على خطأ تام عند لجوئهما إلى خدمة الدفع بالتقسيط، لكن لا شك أنهما لم يحسنا الاستفادة منها. فكيف تستمتع بهذه الخدمة وتتجنب مخاطرها؟

1) التزم بشراء ما تحتاجه فقط

الأمر يبدأ بنظرتك إلى هذه الخدمة على أنها وسيلة لتسهيل دفعاتك وليس زيادتها. فحاول ألا تنجرّ خلف الدفع بالتقسيط ولو كنت ستثقل ميزانيتك بمبلغ صغير جداً. حتى ريال واحد يعدّ خسارةً طالما يقع خارج احتياجاتك.

2) تأكد أنّ شروط الدفع تتماشى مع خططك المالية

من مزايا هذه الخدمة أنها تأتي مع خطة دفع للمبالغ المستحقة شهرياً. فاحرص على تنظيم دفعاتك بما لا يتعارض مع مصاريفك لموسم العودة إلى المدرسة، أو شهر رمضان المبارك، أو فترة استعدادك للزواج، أو أي قت آخر تزيد فيه مستحقاتك.

3) قم بأتمتة الدفعات كي لا تفوّت تاريخ الاستحقاق

بعد الالتزام بشراء احتياجاتك والتأكد من ملاءمة شروط الدفع لباقي خططك المالية، قم بأتمتة هذه الدفعات، حيث يتم سحب القسط المطلوب بشكل تلقائي من حسابك وفي الوقت المناسب تجنباً للفوائد.

باختصار، اشترِ بوعي ومسؤولية.