تنمية مجال المسؤولية الاجتماعية عبر التعليم الالكتروني
لم تعد أهداف المسؤولية الاجتماعية في الوقت الراهن تقتصر على تقديم تبرعات نقدية لصالح قضايا انسانية في المجتمع المحلي بل تجاوزت وتعددت أهداف هذا المفهوم لتشمل توفير التعليم وزيادة الوعي بالمهارات الضرورية في حياتنا اليومية. ومن المتوقع لبرامج المسؤولية الاجتماعية الخاصة بالتعليم أن تخلق تأثيرا فعالا ومستداماً قابلاً للقياس. التعليم التقليدي في الفصول الدراسية، يتطلب استثماراً عالياً لتحقيق الانتشار الجغرافي مع الحفاظ على جودة التدريب وقوة التأثير العام. فبينما تُنفق غالبية الاستثمار في البرامج التعليمية للمسؤولية الاجتماعية على العناصر الأساسية لتطوير محتوى برنامج يلبي حاجات الناس ويضمن وصوله إلى الذين هم في أمس الحاجة إليها، غالبا ما تتطلب هذه البرامج ميزانيات ضخمة لتغطية النفقات الادارية المرتبطة بالموظفين لتقديم البرنامج، وطباعة المواد ودراسة النتائج. بالمقارنة بالتعليم الالكتروني، نجد هذا النهج التقليدي بمجمله أقل فعالية واستدامة.
برنامج المسؤولية الاجتماعية “ريالي” للوعي المالي. برنامج ريالي للوعي المالي هو أحد برامج المسؤولية الاجتماعية الذي واجه هذه التحديات، واختار أن يعتمد التعليم الالكتروني كحل ناجع وفعال بالتزامن مع التدريب المباشر. هذا البرنامج الشبابي والذي تبنت تطويره مجموعة سدكو القابضة، يتناول أهمية تثقيف المجتمع السعودي بمفهوم الوعي المالي وتزويد الشباب بالمهارات المالية لمواجهة تحديات القرن الـ21. وضع برنامج ريالي في سبتمبر2012م هدفا تمثل في الوصول الى 50 ألف شاب وشابة خلال خمس سنوات. وقد اعتمد في تنفيذ هذه الخطة على التدريب القائم على الفصول الدراسية التقليدية.
في السنوات الثلاث التي تلت إنطلاقته، حقق ريالي بالفعل هدفه، مع أكثر من 700 متطوع نشط قدموا البرنامج في أكثر من 90 مدرسة وجامعة عبر 22 مدينة بمختلف أنحاء المملكة العربية السعودية.
فضلا عن إنتشاره الواسع، فقد أحدث البرنامج تأثيرًا إيجابيًا على المستفيدين أنفسهم، حيث تم إجراء اختبار على تصرفات وسلوكيات بعض الطلاب المستفيدين من دورات ريالي، مقارنة بأقرانهم الذين لم يشاركوا في الدورة. وبعد مرور عام على انتهاء الدورة، أظهرت النتائج عن زيادة في وعي الطلاب الذين شاركوا في الدورة بمفاهيم الادخار بنسبة 50% وبالاستثمار 25%. أما المهارات المتعلقة بالاقتراض فكانت الزيادة مقدارها 65%، كما حققت المهارات المتعلقة بالميزانية 72%. الجدير بالملاحظة أن سلوكهم الفعلي بشأن الادخار زاد بنسبة 28%، وبخصوص الميزانية 20% وبشأن الاقتراض 43%، فيما كان السلوك نحو الاستثمار بنسبة 36% وذلك مقارنة بالذين لم يشاركوا في الدورة.
والواقع هو أن الشباب في جميع أنحاء العالم وليس فقط في السعودية، مندفعين نحو التصرف الآني للمال، بدلا من الاستثمار في المستقبل، وهو ما يعكس تدني مستويات الوعي في مجال الاستثمار. وينطبق مفهوم التصرف الآني على نتائج “السلوكيات الفعلية”. ويزود ريالي الشباب بالمعرفة اللازمة التي تمكنهم من مواجهة مسؤوليات حياتهم وعيش حياة كريمة، دون أن يطلب منهم الالتزام المباشر بمفاهيمه.
ومن الجدير بالذكر أن برنامج ريالي قائم على دورة أكاديمية مبنية على الاختبار، وقد بلغت نسبة نجاح المشتركين في الدورة الواحدة 80٪. تمت دراسة النتائج المذكورة بناء على أداء 40 طالبا شاركوا في الدورة، إذْ كان نصفهم يدرك أن الاجابات تتم مراقبتها، فيما النصف الآخر لا يعلم ذلك.
ويمكن أن يستفيد من هذا البرنامج عدد كبير من المجتمع السعودي، علمًا بأن 60% من سكان المملكة البالغ عددهم 30 مليون نسمة، هم دون سن الـ25 سنة. كما أن مجموعة سدكو القابضة حريصة كل الحرص على توسيع دائرة الاستفادة من هذا البرنامج من خلال نموذج قابل للقياس والاستدامة.
ريالي يتبنى التعليم الالكتروني استثمرت مؤخراً مجموعة سدكو القابضة للتأكيد على أن برنامج ريالي للتعليم الإلكتروني (ونتيجة تاثيره) سينافس التعليم التقليدي في الفصول الدراسية. وقد استفاد ريالي من أبرز عشرة مدربين لديه في إنشاء دروس مواد مرئية، الى جانب مواد القراءة على الانترنت وحلقات النقاش والاختبارات من أجل سهولة استيعاب المواد. كما تم تطوير مواد التعليم الالكتروني بما في ذلك عروض عن تجارب رواد الأعمال من الشباب والمشاهير الذين أسهموا في تقديم المشورة حول إدارة المال.
قدم ريالي أول محتوى متوفر على منصات معروفة للتعليم الالكتروني مثل “دروب” و”رواق”، وسوف يدشن موقعه الخاص بالتعليم الالكتروني قريبًا، بحيث يمكن لعدد كبير من الطلاب الذكور والإناث الآن الاستفادة من هذه الدورات. فضلا عن ذلك، فإن ريالي يركز على تمويل الجهود الخاصة بتطوير البرنامج بدلا عن تنفيذه.
قامت مجموعة سدكو القابضة في يوليو 2015 بتجربة برنامج ريالي الجديد على منصة رواق. ومن خلال هذا المنبر الشهير بالتعليم الالكتروني في المملكة العربية السعودية، تمكن برنامج ريالي من الوصول الى 10.000 طالب وطالبة خلال شهرين فقط. وكانت ردود الفعل والنتائج الأولية إيجابية جدًا، وقال 89% من الطلاب أن الدورة صححت مفاهيمهم تجاه الميزانية المالية، فيما تغيرت تصورات 91% منهم تجاه الادخار، و83% منهم تجاه الاقتراض. وذكر 98% من الطلاب الذين شاركوا في الدورة أنهم سيوصون أصدقاءهم للالتحاق بها.
ولخص أحد الطلاب تجربته قائلا: “أقدم كل الشكر لمجموعة سدكو القابضة ورواق على تقديم هذه التجربة الغنية من خلال برنامج ريالي للوعي المالي، وأتمنى من كل الشركات أن تحذو حذوهم فيما يخص خدمة المجتمع. شكرًا لكم مرة ثانية وأتمنى التوفيق للجميع”.
مستقبل التعليم الالكتروني ونهج مجموعة سدكو القابضة للمسؤولية الاجتماعية يعتبر برنامج ريالي مثالا ضمن عدة أمثلة حيث يكون فيها التعليم الإلكتروني مفيدًا لبرامج المسؤولية الاجتماعية من خلال الوصول والتأثير والاستدامة. بوجود عنصر التكنولوجيا، أصبحت تحديات الاستدامة وقابلية القياس لبرامج المسؤولية الاجتماعية التعليمية فرصة متاحة للجميع.
في الوقت الذي سيستمر فيه التدريب الصفي التقليدي لفترة طويلة، فان التعليم الالكتروني أمر يستحق التفكير فيه. ويبقى السؤال الآن، كم سينفق ريالي وغيره من برامج المسؤولية الاجتماعية من الوقت والجهد على التدريب التقليدي مقابل التعليم الإلكتروني؟