ينشغل المستثمرون والخبراء الاقتصاديون بمفهوم “الاستثمار المستدام”، وهو الاستثمار الذي يدعم التنمية المستدامة بشكل عام، سواء من جهة المعايير البيئية أو الاجتماعية أو معايير حوكمة المؤسسات. مثلاً، قد يصبّ الاستثمار المستدام في أهداف كبيرة وطويلة الأمد كالتعافي الاقتصادي، والرقمنة، والتحوّل الأخضر، ومواجهة أزمة المناخ، وغيرها.
بالمقارنة مع الاستثمار التقليدي، يتميز الاستثمار المستدام بالتوازن الذي يقيمه بين الأرباح المادية والأرباح التي يمكن كسبها على المدى الطويل. فإذا استطردنا على الأهداف أعلاه، سيؤثر الاستثمار المستدام إيجاباً على بيئتنا وصحتنا ومجتمعنا، إضافة إلى أنه سيدعم اقتصادنا بالاستفادة من موارد الطبيعة المتجددة وإتاحة فرص واعدة لم تكن موجودة.
أمّا إذا أردنا استبدال الاستثمار المستدام بكلمتين، فنقول “الرؤية 2030″، حيث أبدت المملكة اهتماماً بارزاً بهذا النوع من الاستثمار، ونذكر بعض الأمثلة الحديثة عليه.
1) العمل على مدينة “ذا لاين” المعروفة أيضاً بمدينة المستقبل لما فيها من ابتكار واستدامة وتنمية حضرية لم يشهدها العالم من قبل. فهي تخلو من الشوارع والسيارات للحد من الانبعاثات الكربونية كما تستمد طاقتها من الطبيعة بنسبة 100٪. تشكل هذه المدينة أحد مناطق نيوم التي تقوم على إيجاد حلول مبتكرة لبيئة نظيفة ومستقبل جديد.
2) دعم مبادرة الوكالة الدولية للطاقة الذرية بقيمة 2.5 مليون دولار للمساهمة في الاستخدام الآمن والسلمي لهذه الطاقة. أما الجزء الآخر من التبرّع للوكالة نفسها، فكان بقيمة مليون دولار لدعم مكافحة الأمراض الحيوانية المصدر باستخدام التقنيات النووية.
3) استراتيجية 2022 – 2025 التي أطلقها المركز الوطني لنظم الموارد الحكومية بهدف تأمين إطار عمل فعال يعزّز الكفاءة والاستباقية والابتكار والموثوقية في إدارة الموارد الحكومية. ترتكز الاستراتيجية على 4 عوامل، منها تمكين الرأسمال البشري ونماذج الشراكة المتنوعة بين القطاع العام والخاص.
والآن، كيف يمكنكم الاستفادة من مفهوم الاستثمار المستدام بتطبيقه على صعيد فردي؟
1) تركيب ألواح الطاقة الشمسية
تشكّل المملكة خياراً ممتازاً للاستفادة من حرارة الشمس المتجددة والتي ستحدث فرقاً في فاتورة الكهرباء والغار، كما ستحد من الانبعاثات السامة وبالتالي تحمي النظم البيئية وحياة الكائنات البرية.
2) إعطاء مصروف متساوٍ للأولاد والفتيات
يساهم غياب التمييز بهذا الإطار في غرس مفهوم المساواة وتوضيح حاجة الجميع على حد سواء إلى إدارة أموالهم ونفقاتهم، حتى لو اختلفت متطلباتهم.
3) الادخار بشكل عام، لا سيما للتقاعد
يضمن الادخار بدءاً من فكات صغيرة توفّر المال على الدوام لسداد احتياجاتكم وأي مصاريف طارئة، كما يضفي على حياتكم استقراراً ويساعدكم في تطوير خططكم المستقبلية.
4) التدرّب على التفكير للمدى البعيد في شتى مجالات الحياة
القرارات السريعة غالباً ما يرافقها الندم، بعكس التفكير للمدى البعيد الذي يتطلّب وقتاً وجهداً لكنه يضمن قيامكم بأفضل القرارات وأكثرها فائدة، بعيداً عن استجابتكم لأي انفعالات عاطفية مؤقتة.
5) اعتماد التفكير المستدام في إدارة الشركات
نظراً لحجم المصاريف، تزداد أهمية الاستثمار المستدام في مجال الأعمال. لذا، اعتمدوا الاستدامة في كل نفقاتكم الثابتة، واهتموا بصحة الموظفين النفسية لتضمنوا إنتاجية أعلى والتزام أكبر بمشروعكم.
6) تربية الأولاد على الثقافة المالية لاتخاذ قرارات واعية في المستقبل
تساعد الثقافة المالية على تربية أولاد أكثر سعادة وقناعة ووعياً ونجاحاً في حياتهم. يجعلهم هذا أقل عرضة للوقوع في أخطائكم مالية وأكثر توجهاً نحو قرارات واعية تدعم حياتهم من حيث القيمة وليس المادة.
مفاهيم الاستدامة ليست أمراً جديداً لا سيما وأنّ الاستثمار المستدام شائع منذ الستينيات، لكن يبدو أنه كان لموجة فيروس كوفيد-19 دور في تحفيز الشركات والمؤسسات والجهات الحكومية نحو التفكير بما يعنيهم بالمرتبة الأولى، فكان المستقبل خيارهم.