كل من يدّخر المال يقوم بذلك على أسس معينة تختلف حسب وضعه المادي، أسلوب حياته، وظروفه، لكن ما يجمع هؤلاء المدّخرين هو حاجتهم للتنازل أو التخلي عن شيء لادخار المال.
فالادخار ليس مسألة ادخار المال لفترة محددة ومن بعدها الإنفاق كما يحلو لنا. فإذا انتهيت من ادخار الأموال لبعض الكماليات والهدايا، تأتي الحاجة لادخار حساب الطوارئ، وإذا ادخرت هذا الأخير، ترى أنك بحاجة لادخار حساب التقاعد. فكيف نستمتع بحياتنا المالية إذا كنّا سنعيشها بالادخار بينما يقدّم لنا السوق سلعاً جديدة ومغرية دون توقّف؟
قبل أن نغرق في هذه الدوامة من التفكير، تذكّر أننا في الشهر الذي نحتفل فيه باليوم العالمي للنظر إلى الأمور بتفاؤل. فتعال نستعرض فيما يلي 5 أفكار تسهّل عليك جهود الادخار.
1) لن تبقى رغباتك في الشراء كما هي
نشتري أحياناً لأسباب عاطفية لا ترتبط بحاجتنا الفعلية لما نشتريه. مثلاً، إذا كنا نشعر بجوع شديد، قد نطلب وجبة أكبر مما نستطيع أكله بالفعل. وإذا كنّا نشعر بالتوتر، قد نتسرّع في قراراتنا الشرائية أو ننفق الكثير لنستعيد السيطرة على الأمور، حتى أننا قد ندفع المال مجرّد احتفالاً بخبر سار.
بناءً على هذه السيناريوهات، يجوز القول أنّ الإنفاق المرتبط بعواطفنا قابل للتغيّر مع تغيّر هذه العواطف. بالتالي، إذا تروّيت بضع ساعات أو حتى أيام قبل القيام بعملية شرائية، قد تتخلّى عنها بكل سهولة لاحقاً ودون أي جهد.
2) ستنفق على الأشياء التي تعنيك بالفعل
الصناعة في تطوّر مستمر، عدد العلامات التجارية، كمية السلع ونوعيتها، التكنولوجيا، التجارة الإلكترونية، تقنيات الدفع الإلكتروني… كل هذا في تطوّر وانتشار نتيجتهما أننا أصبحنا محاطين بالسلع من كل جهة. فكيف تتفاعل مع ذلك؟ هل تشعر بضغط غير مباشر لتشتري ما استطعت من السلع الجديدة أم تبقى ملتزماً بشراء الأشياء التي تعنيك بالفعل؟
عندما تدخر، تقلّ أموالك المتاحة للإنفاق، فتميل إلى بذلها بحرص أكبر على أشياء تجلب لك سعادة حقيقية تدوم وقتاً أطول، مثل السفر في إجازة، الاستثمار بإحدى هواياتك، أو قضاء وقت ثمين مع العائلة.
3) ستفتح أمامك آفاق التخطيط للمستقبل
هناك قول شهير ينسبه كثيرون إلى فيكتور فرانكل، وهو أنه يوجد مساحة بين العامل المحفّز، مثلاً الرغبة في شراء هاتف جديد، وبين الاستجابة لهذا العامل، سواء بشراء الهاتف أم لا. وفي هذه المساحة تكمن حريتنا، وقوتنا في الاختيار وفرصة لنموّنا.
فهل تمنح نفسك حق الاستفادة من هذه الفرصة؟ عندما تضع خطة للادخار، تزيد المساحة بينك وبين الأشياء التي تودّ شراءها. استغل هذه المساحة لتتأمل في مستقبلك. هل تبحث عن مشروع خاص؟ تتجهّز مادياً للزواج؟ تنتظر مولوداً جديداً؟ ادخر المال واترك الآفاق مفتوحة أمامك.
4) ستتمكّن من مكافأة نفسك وتقديرها
هل رأيت شخصاً نادماً لأنه ادخر المال؟ أو حزيناً لأنه كسب ريالات إضافية؟ نتوقّع أن تكون معظم الإجابات “لا” لأننا نربط المال عادةً بالمشاعر الإيجابية. فهل خطر لك أنّ إحدى دوافعك لشراء العروض الترويجية والسلع الخاضعة لحسومات، هي رغبتك في التوفير أي رغبتك في الادخار لشيء آخر؟ فالادخار يعادل فرحتك في التوفير أو الحصول على مزيد من المال.
لذلك إذا اجتهدت في ادخار المال الآن، سترى مدخراتك تزداد وصولاً لأرقام لم تتوقعها، وسيعطيك هذا حافزاً لتثابر في عاداتك المالية السليمة وتخطط لحياة ناجحة تليق بك.
5) سترتفع مستويات الهدوء والاستقرار لديك
حسب تقرير مصرف باركليز، ادخار الأموال يجلب سعادةً أكبر من ادخارها، ونعتقد أنّ السبب لا يعود إلى رغبة الإنسان في جمع ثروات طائلة، إنما رغبته في الهدوء والاستقرار المادي. فالصحة المالية لها أبعاد متعدّدة، مثل غياب الديون، الاستثمار، الأهلية لطلب القروض، والحصول على حساب التقاعد. لكن الادخار، أي وضع خطة للادخار المستمر، وحده كفيل بتلبية كافة عناصر صحتك المالية.
لذلك، في المرة القادمة التي تضع فيها ريالاً في صندوق الادخار، اعرف أنك تزيد رصيد صحتك المالية وتشتري ما لا يقدّر بثمن. فاحفظ أموالك الآن وهي تحفظك لاحقاً.